تحول ملحوظ في سلوكيات الطبقة المتوسطة نحو عيد الأضحى
تشهد المغرب تحولاً تدريجياً في سلوكيات العديد من الأسر، خاصة في الطبقة المتوسطة، تجاه طقوس عيد الأضحى. فقد أظهرت دراسات اجتماعية وأكاديمية أن نسبة كبيرة من الأسر لم تعد تولي أهمية كبيرة لإحياء هذه الشعيرة بوصفها “سنّة مؤكدة”، وتفضل تحويل أيام العيد إلى “استراحة سنوية”.
تغيير القيم والممارسات
مع مرور السنوات، لاحظ الباحثون أن العديد من الأسر تفضل التبرع بالأضحية للأسر المعوزة، بدلاً من القيام بعملية الذبح بأنفسهم. هذا التغيير يعكس التحولات القيمية داخل المجتمع المغربي، والتي أدت إلى اتساع رقعة العزوف عن طقوس عيد الأضحى. علماء الاجتماع والأنثروبولوجيا يرون أن هذا التغيير يحتاج إلى دراسات أعمق وبيانات رسمية لتوضيح الصورة بشكل كامل.
أمثلة من الحياة اليومية
الأخصائي في علم النفس الاجتماعي، محسن بنزاكور، يشير إلى أن العديد من سكان الدار البيضاء، سواء العاملين في البقالة وأسواق الجملة أو السكان الأصليين، يفضلون مغادرة المدينة لقضاء العيد في الاستجمام بدلاً من الالتزام بالطقوس التقليدية. الفنادق بدورها تستفيد من هذه الظاهرة بتقديم عروض مغرية خلال أيام العيد، مما يدل على تراجع القدسية التقليدية للعيد.
تأثير الوعي والمعرفة
يشير بنزاكور إلى أن الطبقة المتوسطة، بفضل ارتفاع مستوى الوعي والمعرفة، بدأت في إعادة النظر في التزامها بعيد الأضحى. فالعديد منهم يرون أن النبي والأئمة يضحون بالنيابة عن المجتمع، مما يرفع الحرج عن الأسر التي لا تود ذبح الأضحية. هذا التغيير ينعكس بشكل خاص في الأسر التي تفضل التصدق بالأضحية بدلاً من ذبحها.
العيد بين الطبقات الاجتماعية
بينما تستمر الطبقة الفقيرة في التمسك بعيد الأضحى كفرصة للحصول على اللحوم الحمراء، تعتبر الطبقة المتوسطة والعليا أن طقوس العيد أصبحت أقل أهمية. مع ارتفاع تكاليف الأضاحي، يشعر العديد من الفقراء بالحاجة إلى إعادة التفكير في تقاليدهم، مستندين إلى مبادئ الشرع التي ترفع الحرج عنهم.
تأثير التحولات الاجتماعية والعمرانية
الأكاديمي والأخصائي في علم النفس الاجتماعي، المصطفى الشكدالي، يوضح أن التحولات الاجتماعية، مثل الانتقال إلى السكن العمودي والإقامات المشتركة، أدت إلى تراجع ممارسات ذبح الأضاحي. كما أن التغيرات في القيم الاجتماعية جعلت العديد من الأسر ترى في عيد الأضحى تقليداً لم يعد يناسب نمط حياتهم الحديث.
الرقمية وتأثيرها على عيد الأضحى
يشير الشكدالي إلى أن الرقمنة والتكنولوجيا الحديثة حولت عيد الأضحى إلى مناسبة للتباهي والتقاط الصور مع الأضحية، مما أفقد العيد معناه الأصلي. هذا التغيير دفع العديد من المغاربة إلى التخلي عن طقوس العيد التقليدية دون الشعور بالذنب، معتبرين أنها مجرد سنة مؤكدة وليست فريضة.
خلاصة
هذه التحولات في سلوكيات الطبقة المتوسطة بالمغرب تجاه عيد الأضحى تعكس تغييرات أعمق في القيم والممارسات الاجتماعية، مما يستدعي المزيد من الدراسات لفهم هذه الظاهرة بشكل أفضل.
Leave a Reply